كتاب السنة المفترى عليها

يقول: «وَأَمَّا حَدُّ الزِّنَا فَنَوْعَانِ: جَلْدٌ، وَرَجْمٌ، وَسَبَبُ [وُجُوبِ] كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ الزِّنَا، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الشَّرْطِ، وَهُوَ الإِحْصَانُ، فَالإِحْصَانُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الرَّجْمِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِ الجَلْدِ» ...
«وَأَمَّا الإِحْصَانُ، فَالإِحْصَانُ نَوْعَانِ: إحْصَانُ الرَّجْمِ، وَإِحْصَانُ الْقَذْفِ. أَمَّا إحْصَانُ الرَّجْمِ فَهُوَ عِبَارَةٌ - فِي الشَّرْعِ - عَنْ اجْتِمَاعِ صِفَاتٍ اعْتَبَرَهَا الشَّرْعُ لِوُجُوبِ الرَّجْمِ، وَهِيَ سَبْعَةٌ: العَقْلُ وَالبُلُوغُ وَالحُرِّيَّةُ وَالإِسْلاَمُ وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ وَكَوْنُ الزَّوْجَيْنِ جَمِيعًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ» ص 38، ص 39.

وفي كتاب " شرح فتح القدير " للإمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد بن الهُمَامِ: ج 5 ص 60 قال: «(قَوْلُهُ وَإِذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ وَهِيَ غَائِبَةٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ) أَجْمَعَ الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِغَائِبَةٍ يُحَدُّ الرَّجُلُ بِإِجْمَاعِهِمْ لِحَدِيثِ مَاعِزٍ فَإِنَّهُ أَقَرَّ بِغَائِبَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ [وَرَحِمَهُ] (*) - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -».

وقال شيخنا: «قد نبه بعض العلماء إلى ضعف أدلة أصحاب المذاهب التقليدية في أصل هذه المسألة وأقر بأن الأحاديث الواردة في إثبات حكم الرجم إنما هي أحاديث آحاد وأنها لا تثبت الحدود التي لا تثبت إلا بالأدلة القطعية على مذهب الحنفية».

وهذه المقولة نشأت عن تقسيم الأحناف الأحاديث النبوية إلى متواترة ومشهورة وآحاد، قد قسمها غيرهم إلى المتواترة والآحاد.

وشيخنا نفسه قد نقل أن من الفقهاء من أنكر وجود أحاديث متواترة أي أن السنة كلها آحاد، وممن قال: فهذا التقسيم حصر المتواتر في خمسة أحاديث. هذا التقسيم اصطلاح نشأ عن جمع السنة وتمحيص الروايات وأثره عدم كفر من توقف في حديث آحاد وكفر من رد الحديث المتواتر فما شرعية إلزام المسلمين بهذا التقسيم وشرعية ترتيب آثار أخرى عليه، ومنها ما قاله الدكتور عبد الحميد متولي من عدم صلاحية أحاديث الآحاد لإثبات الأحكام الشرعية في الشؤون الدستورية والسياسية.
¬__________
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) الذي في " شرح فتح القدير " (وَرَحِمَهُ) وليس كما ورد في الكتاب المطبوع (وَرَجَمَهُ).

الصفحة 359