كتاب السنة المفترى عليها

وما قاله بعض أتباع الماركسية من العرب أن هذه الأحاديث لا تصلح في الشؤون الاقتصادية. وما شرعية ما قال به بعض رجال القانون من عدم صلاحية هذه الأحاديث في إثبات الحدود ومنها حد الرجم.

ونستطيع أن نقطع أنه لا يوجد أي سند شرعي لإضعاف حجية أحاديث الآحاد في هذه الأمور أو غيرها بل قال النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «[أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ]، أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا القُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ». كما تقطع أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصحابته كانوا يقبلون خبر الواحد في هذه الأمور وغيرها حسبما فصله الإمام الشافعي في كتابه " الرسالة " والإمام علي بن حزم في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " فضلاً على أن القرآن الكريم قد اعتد بخبر الواحد كما هو معلوم.

وتقسيم الأحاديث إلى آحاد ومتواتر ليس وحيًا من الله كما أن النتائج الخاطئة المترتبة على هذا التقسيم لا يستند إلى القرآن أو السنة الصحيحة حتى يمكن الأخذ بها في رد حكم الأحاديث النبوية التي تلقتها الأمة بالقبول «منها أحاديث رجم الزاني المحصن بدعوى أن السنة لا تخصص عموم القرآن وحسبنا أن النبي وصحابته قد عملوا بأخبار الآحاد في جميع أمور الدين وربنا يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
قال ابن حزم: لقد ثبت أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد رجم ماعزًا ولا ينسب إلى رسول الله أنه خالف حكم الله وإن قالوا: إن هذا يخالف القرآن فقد نسبوا إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه خالف أمر ربه القائل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67]» (¬1).
¬__________
(¬1) جزء من رد المؤلف على الشيخ المجتهد، والمنشور في جريدتي " الوطن " و " السياسة " يوم 1/ 10 / 1982 م.

الصفحة 360