كتاب السنة المفترى عليها

الآحاد في الأمور الدستورية أو التشريعية أو الاقتصادية، وهذا ما قد ظهر في عصرنا استناداً إلى أنَّ هذه السُنَّة ظنية الثبوت، فهل يدرك من يتمسَّكون بهذا الاصطلاح الذي لا مبرِّرَ له في عصرنا إلاَّ أنْ يكون سنداً لأعداء هذه السُنَّة وهذا الدين أو لأصحاب الأهواء.

العقل العربي والتدوين:

لقد نشرت دار الطليعة بلبنان كتاب " تكوين العقل العربي " للدكتور محمد عابد الجابري، ادَّعى فيه أنَّ العقل العربي أخذ تصوراته عن الإنسان والكون والمجتمع من عصر التدوين الذي بدأ عام ثلاثة وأربعين ومائة للهجرة لأنَّ تدوين السُنَّة والفقه لا يخلو من وجود رأي للذي قام بالتدوين فلا بد أنه قام بحذف وتقديم وتأخير في المرويات مما يعد إعادة تشكيل الموروث الثقافي (ص 64)، وادَّعى أنَّ الرأي في التدوين يتضح من تعمُّد أهل السُنَّة السكوت عن التدوين عند الشيعة وكذلك سكوت مراجع الشيعة عن التدوين عند أهل السُنَّة (ص 96).

وهذا الكاتب قد تعمَّد تضليل المُثقفين الذين كتب لهم هذه المقدمات الكاذبة ليخول لنفسه حق تصحيح ما زعم أنه تناقضات في تكوين العقل العربي، بينما التناقض في عقله هو فيما يلي:
1 - أنَّ تصورات العرب عن الإنسان والكون لم تؤخذ من عصر التدوين سالف الذكر بل مصدرها القرآن الكريم وهذا ما سجله الدكتور موريس بوكاي في كتابه " دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة " والمبين في الفصل الأخير.
2 - أنَّ التدوين الرسمي العام بدأ سنة 99 هـ عندما تولى عمر بن عبد العزير الخلافة ومن قبله ومنذ عصر الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان هناك تدوين للأفراد وكل ذلك قبل بدء تدوين مذهب الشيعة وكتبهم ومُدوَّناتهم فقد بدأت بكتاب " الكافي " للكُليني والمتوفَّى سنة 329 هـ، فلا يقال إنَّ أهل السُنَّة عند التدوين أغفلوا مرويات الشيعة فلم يكن لهؤلاء وجود مرويات عند بدء التدوين.

الصفحة 46