كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

فإذا كانت (¬١) إرادته لدفع المكروه [أقوى] (¬٢) دَفَعَهُ وإنْ فاتَ المحبوب، وإنْ (¬٣) كانت إرادته للمحبوب أقوى طلبه وإنْ حصلَ المكروه.
ومثل هذا يقعُ كثيرًا في تعليق الطلاق، إذا علَّقه بأمرٍ مكروه مثل مخالفتها له، وإضرارها به في نفسه وماله وعرضه، أو بأولادِه أو أمه أو جيرانه [٧/ أ] أو أصدقائه، أو فعلها أمرًا مكروهًا في الدين ونحو ذلك، فهو يكره ذلك وهو يُحِبُّهَا ويكره طلاقها؛ فهنا يَجتمعُ محبوب ومكروه، فيريد أنْ ينهاها عن المكروه، ويقول لها: لا تفعلي ذلك.
ثم تارةً يحلفُ عليها ألا تَفعله، ولا يُريدُ أنْ يُطلقها إذا فعلته، لأنَّ إرادتَهُ لبقائها معه أقوى من إرادتِهِ لدفع المكروه، فهي وإنْ كانت ــ أحيانًا ــ تخونه في بعض ماله أو تُطَوِّل لسانها عليه، أو تضرب أولادَهُ، أو تَخرجُ من منزله بغيرِ إذنهِ، أو تُطْعِمُ مالَهُ لأهلها، أو تَمتنع عليه ــ أحيانًا ــ من الفراش= فإنَّهُ يَكره ذلك وينهاها عنه، ولكن مع ذلك فراقُهَا أَكرهُ إليه وأبغض إليه من مقامِهَا على تلك الحال.
كما يكون للرجل الولد الذي يؤذيه فينهاه عن الأذى، ويحلف عليه أنه (¬٤) لا يؤذيه، ولا يختار مفارقةَ ابنه وإنْ آذاه، وكذلك قد يكون الأمر كذلك في مملوكه وصديقه فهو في مثل هذه الأمور يَحلفُ على أحدهم أنْ
---------------
(¬١) في الأصل: (كانَ)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(¬٢) إضافة يستقيم بها الكلام.
(¬٣) في الأصل: (فإن)، والصواب ما أثبت.
(¬٤) كذا في الأصل، ولعلها (أن) كما تقدم في الفقرة السابقة وكما سيأتي.

الصفحة 21