كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

المسلمين إن فعلت ذلك إلى أنواع من هذه التعليقات التي يعلقها كثير من الناس، ويعلقون ما هو عندهم أغلظ أنواع الكفر الذي يمتنع في تلك الحال أن يقصدوا لزومه [٩/ أ] لهم غاية الامتناع، لأنهم في غاية الإرادة لنقيضه والكراهة له، والإرادةُ الجازمةُ لوجودِهِ تُنَاقِضُ الإرادةَ الجازمةَ لعدمِهِ (¬١).
وكذلك إِنْ كان المعلق بالشرط دعاءً يدعو به على نفسه من أنواع الشر، كقوله: إِنْ فعلتُ كذا قطع الله يدي، أو أَماتني على غير الإسلام، وذبح الله ولدي على صدري (¬٢) ونحو ذلك.
وكذلك إِنْ كان المعلَّق اتصافه بقبائح ومنكرات يكره اتصافه بها غاية الكراهة، وإن كان اتصافه بها ممتنعًا في نفس الأمر لكن يقدر لزومها له؛ كقوله: إن لم أفعل كذا فأنا بريء من قرابتي من رسول الله، أو تكون هذه اللحية على مخنث، أو أكون بغَّاءً أو يركبني (¬٣)، أو يقول النصراني: أكون بريئاً من الصليب، أو من المسيح، أو من السيدة، أو يقول مَنْ يُعَظِّمُ بعض المشايخ أو القرابة أو الصحابة: أنا بريء من الشيخ فلان أو من علي بن أبي طالب إن فعلت كذا، إلى أمثال هذه الأيمان التي تحلف بها الأمم على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، لا يُعلِّقون تعليقًا يقصدون به اليمين إلا وهم كارهون لوقوع المعلَّق غير مريدين له، بل لا يكون إلا مِنْ أَكْرَهِ الأمورِ إليهم وأبعدهم عن إرادة وقوعه؛ فيمتنع أن يكون أحدهم قاصدًا لليمين، وهو مع ذلك يقصد وقوع الجزاء المعلَّق.
---------------
(¬١) انظر ما سيأتي (ص ١١٨، ٤٣٣ - ٤٣٤، ٤٦٢).
(¬٢) في الأصل: (صدره)، والصواب ما أثبتُّ.
(¬٣) هنا علامة لحق لكن لم يظهر في التصوير شيء.

الصفحة 27