كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

ولكان الحانث قد عقد عقدًا وفسخه، وجعل الحلف (¬١) لازمًا للتعظيم وقد نقض عقده = بمنزلة الغادر الكاذب، أو لا (¬٢) يزولَ تعظيمُ المحلوفِ بِهِ من قلبه إن كان العقد باقيًا؛ فلا بُدَّ من هذا أو هذا إن لم يكن لليمين تحلة.
وهكذا إذا حلف بصيغة التعليق قصدًا لليمين فلا بُدَّ إذا لم يكن لهذه اليمين تحلة من أنْ يلزمه ما علقه، أو أن يكون حانثًا في يمينه بمنزلة الغادر الكاذب؛ ولهذا كثيرٌ ممن يحلف بالطلاق أو غيره من الأيمان ثم يحنث ولا يرى أن له تحلة ولا كفارة ليمينه لا بُدَّ له من أحد أمرين: إما أن يلتزم ما عَلَّقَهُ، وإما أَنْ يعتقد في نفسه أنه حلف يمينًا وَفَجَرَ في الحنث بها كالغادر الكاذب؛ فإن كانت يمينًا بالله على شيء وَفَعَلَهُ= اعتقد أنه قد أتى ذنبًا عظيمًا إذا حنث ولم يعتقد أن له كفارة، وإنْ كان يمينًا بالطلاق واعتقد أنه يقع به= اعتقدَ أَنَّ امرأتَهُ مطلقةٌ منه، وهو يطؤها وطئًا محرمًا، وكثيرٌ منَ الناس مَنْ يُقْدِم على ذلك لرغبته فيها.
فإنَّ الحالفَ بالطلاقِ إذا رأى أنه قد حنث ولزمه [١١/ أ] الطلاقُ ثلاثة أقسامٍ: قسمٌ يعتقدون وقوع الطلاق وحرمةَ التحليل؛ ويكون هذا الذي اعتقدوه دينًا صحيحًا راجحًا عندهم على إرادة المرأة، فيفارقونها ــ وإن كرهوا فراقها ــ خوفًا من عقاب الله الذي اعتقدوا أنهم يستحقونه (¬٣) إذا لم يفارقوها (¬٤).
ومنهم مَنْ يَرغَبُ في امرأته، ولا يرى له طريقًا إلا التحليل؛ فيفعله تقليدًا لمن يجوِّزُهُ، ويحتمل ما في ذلك من المكاره لاعتقاده أنها لا تحل له
---------------
(¬١) في الأصل: (الحنث)، ولعل الأقرب ما أثبت.
(¬٢) في الأصل: (أن)، ولعل الأقرب ما أثبت.
(¬٣) في الأصل: (يستحقونهم)، والصواب ما أثبتُّ.
(¬٤) في الأصل: (يفارقونها)، والصواب الجزم كما أثبت.

الصفحة 32