كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

إلا بهذه الطريق، واعتقاده أَنَّ هذا دينٌ صحيحٌ هو من شرع الإسلام.
وقسمٌ يكرهون (¬١) فراقَ المرأة، ويكرهون التحليل، وهم لا يعتقدون إلا ما عليه هؤلاء وأولئك؛ فيرى أحدهم أنه يقيم معها حرامًا، ويكون ذلك أهون عليه من التحليل ومن فراقها، ويرى أَنَّ التحليل أقبح وأشنع بل وأجرم من مقامه معها حرامًا، وفطرته تكره التحليل أعظم مما تكره مقامه معها على ذلك الوجه.
ثم من اعتقد ذلك شرعًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما أَنْ يُسَلِّمَهُ مع ما في قلبه من القدح في ذلك، لكن يُقَدِّم ما سواه دينًا على ما في قلبه، وإما أَنْ يبقى في قلبه ريبٌ واضطرابٌ، وإما أَنْ يجدَ هذا قادحًا عنده في الرسول إذا لم يكن جازمًا بنبوته وهو جازم بقبح هذا؛ فيقوم في قلبه أَنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - شَرَعَ هذا، وأَنَّ شارعَ هذا لا يكون نبيًا = فمحمدٌ ليس بنبي، وهذا قائمٌ في نفوس كثيرٍ من اليهود والنصارى كما رأيناه في كتبهم وسمعناه منهم وممن أسلم منهم وممن سمع منهم، فأخبروا عما في نفوسهم من ذلك.
وأما القسم الثالث: وهو اعتقاد لزوم الجزاء عند الشرط؛ فهذا موجود في نفس الاعتقاد تابع لما يعتقده الإنسان من شرع الإسلام، فمن اعتقد أن هذا التعليق موجب لوقوع الطلاق في شرع الإسلام = اعتقدَ هذا، سواء اعتقد ذلك اجتهادًا أو تقليدًا، وهذا الاعتقاد وأمثاله من الاعتقادات لا عبرة به باتفاق المسلمين، فمن تكلم بكلام اعتقده طلاقًا لم يكن طلاقًا بمجرد اعتقاده باتفاق المسلمين؛ بل الاعتبار بحكم الله ورسوله في ذلك.
فمن الناس مَنْ يرى في المنام أنه طلَّقَ امرأته فيصبح يظن أنه وقع به
---------------
(¬١) في الأصل: (لا يكرهون)، والصواب ما أثبت.

الصفحة 33