كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

ويلحقه نسب الولد فلا يكون ولد زنا؛ بل هو الذي تسميه العامة «ولد حلال» باتفاق العلماء، فإن النَّسَبَ وحرية الولدِ تتبعُ اعتقادَ الواطئ؛ فمن وطئ من يعتقدها امرأته وكان نكاحه فاسدًا، أو اعتقد أنه لم يقع (¬١) به الطلاق ولم يعلم أنه وقع به = فالولد يلحقه نسبه، ولا يقال: إنه ولد زنا.
وكذلك لو وطئ مَنْ يعتقدها امرأته الحرة أو أمته، فإنَّ ولدَهُ حُرٌّ وإن كانت في الباطن مملوكةً لغيره، ويُسمَّى هذا «المغرور»، وهذا من الأحكام المعروفة عن الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين وسائر علماء المسلمين يجعلون النسب والحرية تتبع اعتقاد الواطئ وإنْ كان مخطئًا في اعتقاده، وهذا مبسوط في موضع آخر (¬١).
والمقصود هنا: أَنَّ اعتقاد المعلِّق أنَّهُ يقع به الطلاق لا يوجب وقوع الطلاق إذا حنث باتفاق العلماء؛ بل مَنْ رَأَى أنَّهُ لا يقع الطلاق يقول: إنه لا يقع وإن اعتقد أنه يقع، ومَنْ قال: إنَّهُ يقع يقول: إنَّهُ وقع وإن اعتقد [١٢/ أ] أنه لم يقع؛ وهكذا الحكم في سائر الكلمات التي تحتمل الطلاق أو يظن أنها طلاق كألفاظ الكنايات.
فلو قال الرجل لامرأته: أنتِ خَلِيَّة أو بَرِيَّة أو بائن أو بَتَّهٌ أو بَتْلَة أو حبلك على غاربك ونحو ذلك فإنه يرجع إلى مراده بهذا الكلام، هل أراد به الطلاق أم غير الطلاق؟ فإذا أراد به غير الطلاق لم يقع به وإن اعتقد أنه يقع به
---------------
(¬١) في الأصل: (وقع)، والصواب ما أثبتُّ.
(¬٢) مجموع الفتاوى (١٤/ ٣٤) (٢٩/ ٣٢٦) (٣٢/ ٦٧، ٧٩، ١٠٣، ٣٨٣) (٣٤/ ١٣ - ١٦، ٢٦)، الفتاوى الكبرى (٣/ ٣٤٩).

الصفحة 35