كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

الطلاق، وإن أراد الطلاق وقع وإن اعتقد أنه لم يقع، لكن إذا اعتقد أنَّ المفهوم من اللفظ إرادة الطلاق كان هذا مما يدل على أنه أراد به الطلاق فيقع به الطلاق لكونه أراده لا لمجرد اعتقاده.
والحالفُ لم يرد وقوع الجزاء عند الشرط ومعه اعتقاده لوقوع الجزاء، والاعتقاد لا تأثير له، وكذلك معه عقد اليمين، وعقد اليمين يقتضي أنه جَعَلَ الجزاء لازمًا للشرط وهو قاصد للعقد مُرِيدٌ له؛ فَقَصْدُ عَقْدِ اليمين لا يمنع أن تكون يمينًا مكفرةً، واعتقاده وقوع الجزاء لا يمنع أن تكون يمينًا مكفَّرة.
فينبغي أن تعرف هذه المعاني، فإنه بها تتبين زوال شبهاتٍ تعرض لكثير من الناس في مسائل الأيمان؛ فإنَّ من الناس مَن يشتبه عليه الاعتقاد والظن بالقصد والإرادة؛ فيجعل اعتقاده وقوع الطلاق كإرادته وقوع الطلاق أو موجبًا له أو هو هو.
ومنهم مَنْ يشتبه عليه موجب العقد في الشرع الذي بعث الله به رسوله بموجبه (¬١) الذي أوجبه الحالف العاقد؛ والذي أوجبه الحالف العاقد لزوم الجزاء عند الشرط، لكن الشارع شرع تحليل هذه العقود وإبطال هذا الإيجاب بالكفارة التي فرض الله تعالى.
ومنهم مَنْ يشتبه عليه قصده التعليق واللزوم بقصده وجود الجزاء اللازم، فجعل هذا الفعل هو ذاك أو مستلزمًا له؛ وهذا كُلُّهُ غلطٌ، بل المُعَلِّقُ تعليقًا يقصد به اليمين هو كارهٌ لوجود الجزاء وإن وجد الشرط، وهذه الكراهة يعلمها الناس بحسهم وعقلهم، فهذا أمرٌ معقولٌ عندهم لا يحتاجون
---------------
(¬١) في الأصل: (موجبه)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.

الصفحة 36