كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

الشرعية لولاة الأمور التزام لما أوجبه الله ــ تعالى ــ ورسوله لهم بالشرع، ليس في المبايعة لهم تغيير لما أمر الله به ورسوله (¬١).
ثم لما أحدث الناس أَنْ يُقْسِمُوا على ذلك ويحلفوا عليه كانت هذه الأيمان مُؤَكِّدَةً لما أوجبه الله ورسوله ليست مغيرة لشرع الله ورسوله؛ فالواجب بها واجب وإن لم يحلف الحالف بها، ومن حلف بها على فعل محرم أو ترك واجب لم يكن له أن يفي بموجبها؛ فالكفار والمنافقون (¬٢) إذا حلَّفوا المسلم على أنَّه يعاونهم على الكفر بالله ومعصيته ومعصية رسوله
وتضييع فرائضه وتضييع حدوده=لم يكن له أَنْ يوفي بهذه الأيمان، ولهذا كان المنافقون الملاحدة الباطنية يحلِّفون الناس بالأيمان المغلظة على كتمان أسرارهم، مظهرين لهم أنهم من أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنهم يدعون إلى الإيمان بالله ورسوله فيحلف لهم من يظنهم كذلك، ثم يتبيَّنُ له أنهم منافقون ملاحدة مبطنين الكفر بالله ورسوله وكتابه ودينه (¬٣).
[و] (¬٤) صار الفقهاء يختلفون في موجب هذه الأيمان؛ [١٥/ أ] منهم من يقول: لا يلزم منها شيء؛ لأنَّ الحالف إنما حلف لمن يعتقده مؤمنًا وليًّا لله من آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحلف لمنافقٍ ملحدٍ. ومنهم من يقول: بل هي
---------------
(¬١ ) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٢٥) (٢٨/ ١٨٤ - ١٨٥) (٢٩/ ٣٤٦) (٣٣/ ١٤٦)، الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٦٥).
(¬ ٢) في الأصل: (والمنافقين)، والجادة ما أثبتُّ.
(¬٣) قاعدة العقود (١/ ١٢١).
(¬٤) إضافة يقتضيها السياق.

الصفحة 45