كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

أيمان لازمة؛ ثم يأمرون بتكفير ما يرون (¬١) تكفيره، وما لا كفارة له عندهم كالطلاق والعتاق يحتال له بالحيل التي ذكرها بعض من يراها أيمانًا (¬٢) لازمة إما بخلع اليمين وإما بدور الطلاق وإما بنكاح التحليل، وأما من يقول أيمان المسلمين مكفرة فغاية هذه أن تكون عنده أيمانًا مكفَّرة.
والمقصود هنا: أنه ليس في تحليف مَنْ حَلَّفَ بذلك دليل على حكم شرعي أصلًا، ولكن من الناس من يقيم مذهبه بانتصاره ببعض الولاة الذين لا علم عندهم يفصلون به بين الناس فيما تنازعوا فيه، وقد يوهمونه أَنَّ أحد القولين يضاد مقصوده أو أنه يضره؛ وقد يكونون كاذبين في ذلك، ويكون
قولهم أعظم مناقضة لمقصوده وأضر عليه وهو لا يعرف ذلك، ومن الناس مَنْ يكونُ مَيلُهُ إلى أحد القولين لهواه وغرضه لا لأجل أنه الحق الذي بعث الله به رسوله وهذا كثيرٌ في الولاة والرعية، وقد تجتمع شهوة وشبهة وإذا كان ذلك في الولاة كان مثل هذا من أسباب خفاء الحق في بعض المسائل عند كثير من الناس أو أكثرهم؛ كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: (كيف بكم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير؟! إذا تركت بدعة، قيل: تركت السنة) (¬٣).
---------------
(¬١) في الأصل: (يرو)، والصواب ما أثبتُّ.
(¬٢) في الأصل: (أيمان)، والجادة ما أثبتُّ.
(¬١) أخرجه معمر بن راشد في جامعه (١١/ ٣٥٩)، وابن أبي شيبة في المصنف (٣٨٣١١)، والشاشي في مسنده (٢/ ٩٠)، والبيهقي في شعب الإيمان (٩/ ٢١٢/ برقم ٦٥٥٢)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١/ ٦٥٤) ولفظه: (كيف بكم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، وتتخذ سنة؛ فإنْ غيِّرت يومًا قيل: هذا منكر ... )، وفي لفظ: ( ... إذا غُيِّرَ منها شيءٌ قيل: غُيِّرَت السنة).

الصفحة 46