كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

طالق= طلقت كل امرأة يتزوجها.
وأبو حنيفة ــ - رحمه الله - ــ وطائفة يقولون: يمين المكره منعقدة؛ فتبقى هذه اليمين لازمة وإنْ كانَ صاحبها مكرهًا، وأما مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء ــ رحمهم الله تعالى ــ فلا تَطْلُق عندهم كل امرأة يتزوجها لوجهين: أحدهما: لقوله: كل امرأة أتزوجها فهي طالق. والثاني: كونه مكرهًا؛ ويمين المكره لا تنعقد.
ومع هذا؛ فلم يكن في تحليف من حلف بها دليل شرعي على لزوم المعلَّق، وكذلك لم يكن في الإكراه على الأيمان في البيعة وغيرها دليل شرعي على انعقاد يمين المكره؛ فالاستدلال بتحليف مَنْ حَلَّفَ بأيمان الطلاق على أنهم لولا لزومه لهم لم يمتنعوا منه ولم يحلفوهم = حجةُ جاهلٍ بالأدلة الشرعية؛ كما لو استدل بمثل ذلك على لزوم النذر للحالف بالنذر، وعلى لزوم الطلاق المعلق بالملك لتحليف مَنْ حَلَّفَ به، والاستدلال على انعقاد يمين المكره لتحليف من حلف به، وكذلك الاستدلال بامتناع الممتنع من الحلف بأنه قد يمتنع من ذلك خوفًا أن يلزموه بطلاق امرأته إذا حنث وإنْ كان لا يعتقد ذلك، وقد يمتنع لاعتقاده لزوم الطلاق كما يعتقد لزوم ما علقه من النذر.
وليس اعتقاد طائفة من المسلمين حجة شرعية يجب [أن] (¬١) ترد إليها الأحكام الشرعية، لاسيما والنزاع في مثل هذه المسائل غير مدفوع؛ فإنَّ أبا حنيفة مثلاً يقول: يمين المكره منعقدة، ويقول: إذا قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، وكل عبد أملكه فهو حر= طلقت كل من تزوجها، وعَتَقَ كل من
---------------
(¬١) كلمة لم أستطع قراءتها، ولعلها ما أثبتُّ.

الصفحة 48