كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

يملكه، ويقول بلزوم النذر المحلوف به في المشهور عنه والطلاق والعتاق، وأكثر العلماء ينازعونه في ذلك.
ومن رأى لزوم الأيمان وصعوبة ذلك احتاج إلى الاحتيال لمن يُبْتَلَى بذلك، فصنف محمد بن الحسن وغيره كتاب (الحيل) في هذا الباب وغيره (¬١)،
واحتجوا بقصة أيوب ــ عليه السلام ــ (¬٢)، بل صَدَّرُوا بها كتبهم، وهذه الحجة تروى عن بعض التابعين وأظنها مروية عن عطاء (¬٣)، وفهموا من الآية أن الله
---------------
(¬١) طبع كتاب محمد بن الحسن بعنوان (المخارج في الحيل) بمكتبة الثقافة الدينية عام ١٤١٩. وقد شكك بعضهم في صحة نسبة الكتاب لمحمد بن الحسن. انظر: المبسوط للسرخسي (٣٠/ ٢٠٩). وللمؤلفات في الحيل انظر: معجم الموضوعات المطروقة (١/ ٧١٢)، ومقدمة تحقيق د. سليمان العمير لكتاب (الحيل) لابن بطة.
وقد تكلم ابن تيمية في مواضع كثيرة عن الحيل وأنواعها وأحكامها؛ بل صنف في ذلك مصنفه الجليل (بيان الدليل على بطلان التحليل)، انظر منه (ص ١٣٧ - ١٤٢).
وقال - رحمه الله - في القواعد الكلية (ص ٢٥٨): (ولقد تأملت أغلب ما أوقع الناس في الحيل فوجدته أحد شيئين:
إما ذنوب جوزوا عليها تضييقًا في أمورهم، ولم يستطيعوا دفعها إلا بالحيل، فلم تزدهم الحيل إلا بلاءً ... وهذا الذنب ذنبٌ عمليٌ.

وإما مبالغةٌ في التشديد لِمَا اعتقدوه من تحريم الشارع، فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل؛ وهذا من خطأ الاجتهاد). انظر ما سيأتي (ص ١٧٩ - ١٨١).

(¬٢) أشار لها الله سبحانه وتعالى في سورة (ص) عند قوله: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [آية: ٤٤].
(¬٣) روى سعيد بن منصور في التفسير (٧/ ١٨٦/ ح ١٨٤٧) ــ ومن طريقه حرب في مسائله (١/ ٤٥٧) ــ قال: حدثنا أبو معاوية، قال: ثنا عبد الواحد بن أيمن، عن عطاء قال: أتاه رجل فقال: إني حلفت ألا أكسوا امرأتي درعًا حتى تقف بعرفة. فقال عطاء: احملها على حمار، ثم اذهب بها فقف بها عرفة. فقال: إني إنما عنيت يوم عرفة. فقال له عطاء: وأيوب حين حلف ليجلدن امرأته مائة جلدة نوى أن يضربها بالضغث؟! إنما أمره الله أن يأخذ ضغثًا فيضربها، ثم قال عطاء: إنما القرآن عبر، إنما القرآن عبر.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبير (٢٠/ ١٦٨) من طريق وكيع، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن عطاء به نحوه.

الصفحة 49