كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

وأعظم، والشارع قصده زوال ذلك الفساد.
وكما أَنَّ المولي امتنع بيمينه من وطء امرأته، فالحالفون يمتنعون بأيمانهم من حقوقٍ لله ولعباده أعظم من وطء المرأة، يحلف أحدهم ألا يقضي حقوقًا واجبة عليه لله ــ تعالى ــ ولأبويه ولغيرهما؛ فإذا كان دفع الضرر عن امرأةٍ أَثبتَ حكم الإيلاء في جميع الأيمان، فقصد دفع الضرر عن جميع الخلق أولى أَنْ يُثبِتَ حكمَ التكفير في جميع الأيمان؛ وبسط هذا له موضع آخر (¬١).
والمقصود هنا: أَنَّ جميع العلماء أعطوا هذه التعليقات حكم الأيمان في بعض المواضع، ومن ذلك: أَنَّ جمهورهم يجوِّزُون فيها الاستثناء، ومن ذلك أَنَّ التعليق الذي يحلف فيه بالكفر جعله جميعهم يمينًا لا تعليقًا موجبًا للكفر، ثم منهم مَنْ قال: هو يمين مكفَّرة لأنه التزم (¬٢) هتك حرمة أيمانه، ومنهم من قال: ليس يمينًا (¬٣) مكفرة.
ومنها: أَنَّ جمهور العلماء يقولون: إِنَّ تعليق النذر الذي يقصد به اليمين يمين تجري فيها الكفارة، وهذا المعنى موجود في الحلف بالعتق والطلاق.
ومنها: أَنَّ أكثرهم ــ أيضًا ــ كأبي حنيفة - رضي الله عنه - وأصحاب الشافعي الخراسانيين ــ رضي الله [١٣٤/ ب] عنهم ــ فَرَّقُوا بين تنجيز الشيء وبين تعليقه على وجه اليمين، كما في نذر المعصية والمباح، فإذا نذر ذلك لا على
---------------
(¬١) المستدرك على مجموع الفتاوى (٤/ ٢١٨).
(¬٢) في الأصل: (التزمه)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(¬٣) في الأصل: (يمين).

الصفحة 499