كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

[١٦/ أ] احتال لأيوب في يمينه، ونازعهم أكثر العلماء في ذلك؛ فمنهم من قال: تلك خاصة لأيوب، لأنَّ الله وجده صابرًا، ومنهم مَنْ قال: هذا شرع من قبلنا فلا يكون شرعًا لنا إلا بدليل خاص، وشرعنا قد جاء في الضرب الواجب بالتفريق، ومنهم مَنْ قال: لا حيلة في ذلك، بل لم يكن في شرعهم كفارة، وكانت اليمين توجب المحلوف عليه في شرعهم فخفف الواجب بالنذر، كما خفف الواجب بالشرع في ضرب الزاني فإنه يجب تفريق الضرب، وإذا كان مريضًا يخاف عليه من الضرب المفرق جُمِعَ عليه الضرب كما جاءت به السنة (¬١)، لم نَقُل ذلك في كل مريض يُخَافُ عليه، ونُقِلَ في المريض الذي
---------------
(¬١) أخرج الإمام أحمد في مسنده (٣٦/ ٢٦٣)، والنسائي في سننه الكبرى (٧٢٦٨)، وابن ماجه (٢٥٧٤)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٤/ ٧٤)، والطبراني في المعجم الكبير (٦/ ٦٣) وغيرهم من حديث سعيد بن سعد بن عبادة قال: كان بين أبياتنا إنسان مخدَّج ضعيفٌ، لم يرع أهل الدار إلا وهو على أَمَةٍ من إماء الدار يخبُث بها، وكان مسلمًا، فَرَفَعَ شأنه سعد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اضربوه حَدَّهُ» قالوا: يا رسول الله، إنه أضعف من ذلك، إِنْ ضربناه مائة قتلناه. قال: «فخذوا له عِثْكَالًا فيه مائة شمراخ، فاضربوه به ضربة واحدة، وخلُّوا سبيله».
وقد أطال النفس النسائي في سننه الكبرى في سياق أسانيد هذا الحديث وبيان الاختلافات الواردة فيه (٦/ ٤٧٠ - ٤٧٥) وقال: أجودها حديث أبي أمامة مرسل. وضعف البوصيري في مصباح الزجاجة (٢/ ٣١٢ - ٣١٣) إسناد هذا الحديث لعنعنة ابن إسحاق.
انظر: البدر المنير (٨/ ٦٢٤)، تخريج أحاديث الكشاف (٣/ ١٩٣)، سلسلة الأحاديث الصحيحة (٦/ ١٢١٥/ ح ٢٩٨٦).

الصفحة 50