كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 2)

فإنْ قيل: المعترضُ إنما قصدَ بقولِهِ: (لشهرة هذا اللفظ في معنى التعليق) أي (¬١): إذا تكلم به معلقًا، كقوله: إِنْ سافرتُ فالطلاق يلزمني، وجعل صيغة القسم كصيغة التعليق.
قيل: نعم؛ ونحن نُسَلِّم أنه أراد ذلك، لكن احتمال اللفظ لمعنًى في حالِ تعليقه كاحتماله له في حال تنجيزه، فليس المؤثر في وقوع الطلاق في حال التعليق كونه (¬٢) تعليقًا، بل لأنه تعليق لوقوع الطلاق، وإلا فلو قصد بالتعليق النذر = كان تعليقًا للنذر لا للطلاق، فلم يقع به طلاق، ولا يجب عليه إذا لم يكن الطلاق طاعة لله أَنْ يُطَلِّقَ، بل إنما يجب عليه (¬٣) إذا حلف ليفعله أو نذر ليفعلنَّه= كفارة يمين، وإنما المؤثر في وقوعه: كون الصيغة مشهورة في معنى إيقاع الطلاق لا في نذره.
وأما قوله: (وإلا فليس لها دلالة من حيث اللغة على التعليق ولا على الحلف)؛ فلم يُرِدْ به الصيغة المنجَّزَة، فإنَّ تلك ليست تعليقًا وحلفًا؛ فالمشهور من معناها هو: الإيقاع، وهذا موافقٌ للغة؛ كما تقدم من أَنَّ لفظ الطلاق يراد به اسم مصدر التطليق (¬٤)، ويراد به مصدر الفعل المطاوع له، وهو طَلُقَتْ طلاقًا، فإنه يقال: طَلَّقْتُهَا فَطَلُقَت، وليس لقولهم: طَلُقَتْ مَصْدَرٌ إلا هذا، بخلاف قولهم: طَلَّقَهَا، فإن مصدره القياسي هو التطليق، والطلاق
---------------
(¬١) في الأصل: (إلا)، ولعل صوابها ما أثبتُّ.
(¬٢) في الأصل: (لكونه)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(¬٣) في الأصل زيادة: (كفارة يمين)، والأقرب حذفها حيث يغني عنها ما جاء في آخر الجملة.
(¬٤) في الأصل: (التعليق)، والصواب ما أثبت كما سيأتي.

الصفحة 586