كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)

فإنَّ العتق (¬١) له جهتان: إحداهما: كونه إسقاط ملك وهو حَقٌّ مِن جملةِ الحقوق؛ فمن هذه الجهة لا يشترط فيه قصد القربة، كالإبراء من الديون وما أشبهَهُ.
والثانية: كونه مُعِينًا على التخلص لعبادةِ الله ــ تعالى ــ؛ ومن هذه الجهة هو قربةٌ وطاعة، ورافعٌ الإذلال (¬٢) الذي هو يلزم. فإنْ قَصَدَ المعتقُ بعتقِهِ ذلك حَصَلَ له الثواب، وإنْ لم يقصد ذلك حصل العتق كما يحصل الإبراء من الحقوق من غير قصد القربة (¬٣).
وأما الثاني: فإنْ قلتَ: إذا كان المشي مقصودًا، والمشيُ طاعة؛ فالطاعة مقصودةٌ.
قلتُ: قصدُ المشي له جهتان: إحداهما: قصده من حيث كونه امتثالاً للأمر المطلق في الترغيب في النوافل، وهذا هو الطاعة، وليس مقصودًا هاهنا.
والثانية: قصدُهُ لأمرٍ آخر، كما هو في نذر اللجاج والغضب، فإنه إنما قَصَدَهُ ليكون مانعًا له من ذلك الفعل لا ليتقرب به؛ فهذا ليس بطاعة، فلا [٢/ ب] يدخل في قوله: «من نَذَرَ أن يطيعَ الله فليطعه» (¬٤)) (¬٥).
---------------
(¬١) في الأصل: (المعتق)، والمثبت من «التحقيق».
(¬٢) كذا في الأصل، وفي «التحقيق»: (للإذلال).
(¬٣) في «التحقيق» أعاد الجهة الثانية مرتين، وفيه اختلاف يسير.
(¬٤) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٦٦٩٦) وبرقم (٦٧٠٠) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(¬٥) «التحقيق» (٣٤/ ب).

الصفحة 6