كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 2)
تطليقتين ثم خلعها) (¬١). ومراده: أنه ليس بطلاق (¬٢)، وإِنْ كان فرقة بائنة.
كما روى أبو بكر الأثرم في سننه: حدثنا ابن أبي شيبة، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، [عن طاووس]، عن ابن عباس في الخلع. قال: إنما هو فرقة وفسخ، ليس بطلاق، ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع بين ذلك فليس بطلاق (¬٣).
ونظير ذلك ما أخرجاه في الصحيح عن ابن عباس أنه سُمِعَ يقول: إذا حَرَّمَ امرأته فليس بشيء، وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ [١٧٧/ أ] فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]، وفي لفظٍ لمسلم عنه: إذا حَرَّمَ الرجل امرأته فهي يمين يكفرها، وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬٤).
فابن عباس الذي أخذ عنه طاووس يقول في التحريم: ليس بشيء؛ ومعناه: ليس بطلاق، لم يرد أنه لغو، بل صَرَّحَ مع ذلك أنه يمين يكفرها، واستدل بقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حَرَّمَ على نفسِهِ العسل أو سُرِّيَّتِهِ فأنزل الله هذه الآية (¬٥)، ولم يحرم على نفسه
---------------
(¬١) تقدم تخريجه في (ص ٢١٨).
(¬٢) وضع الناسخ فوقها حرف (خ)، وكتب في الهامش (طلاقًا) وفوقها حرف (خ).
(¬٣) تقدم تخريجه في (ص ٢١٨ - ٢١٩)، وما بين المعقوفتين من المصنَّف لابن أبي شيبة.
(¬٤) أخرجه البخاري (٥٢٦٦)، ومسلم (١٤٧٣) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(¬٥) اختلف في سبب نزول هذه الآيات هل هو بسبب شرب العسل أو السُّرِّيَّة؟
انظر الوارد في الباب في: تخريج أحاديث الكشاف (٤/ ٥٩ وما بعدها).