كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 2)
امرأته؛ بل قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ١ - ٢] يدل على أن مناط التحريم: تحريم ما أحلَّ الله (¬١)، وأن في ذلك كفارة يمين.
كما ذُكِرَ نظير ذلك في قوله: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧] ثم قال: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٩].
ونظير ذلك ــ أيضًا ــ: ما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت فيمن جعل ماله في رتاج الكعبة إِنْ فعل كذا: إِنَّ في ذلك كفارة يمين (¬٢). مع قولها ــ أيضًا ــ في ذلك: ليس بشيءٍ (¬٣).
فقولهم: ليس بشيءٍ؛ معروفٌ عندهم أنهم ينفون به ما ظَنَّ السائل أنه ثابت؛ فلما كان الحالف بالنذر يظن لزومه قالت عائشة - رضي الله عنها -: ليس بشيء، بل هي يمين يكفرها.
وكذلك لَمَّا كان المحرِّم لامرأته يظنُّ أنه وقع به الطلاق قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ليس بشيءٍ، ولكنها يمين يكفرها.
ولَمَّا كان الحالف بالطلاق يظن أنه قد لزمه الطلاق قال طاووس: ليس بشيء، وشك ابنه هل هي عنده يمين يكفرها أم لغو؟ لكن نَقَلَ عنه غيرُ ابنِهِ: أنها يمين منعقدة ليست لغوًا، فكان قوله أنها ــ أيضًا ــ يمين يكفرها، وكان
---------------
(¬١) في الأصل: (تحليلُ ما حرم الله)، والصواب ما أثبتُّ.
(¬٢) تقدم تخريجه في (ص ٢١٥، ٤٤٧).
(¬٣) تقدم تخريجه في (ص ٢١٣ - ٢١٤).