كتاب الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (اسم الجزء: 1)
الجزاء إذا وقع، والثاني كارهٌ (¬١) للشرط الذي هو عدم الفعل مريدٌ لنقيضه وهو الفعل، وكارهٌ للحريَّةِ وَإِنْ وجد الشرط، كقول ليلى بنت العجماء: إِنْ لم أُفَرِّق بينك وبين امرأتك فكل مملوك لي حر (¬٢).
وكذلك قوله: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل أحدًا منكم؛ فمعناه: نعاهدكم بالله إن نزلتم إلينا ألا نقتل، ونعطيكم عهد الله وميثاقه إن [٢٢/ ب] نزلتم ألا نقتل، فهو بمنزلة مَنْ حلف لا يقتل زيدًا إذا أتى إليه.
وإذا عَبَّرَ عن هذا بصيغة الشرط قيل فيه: إن نزلت إليَّ فلك العهد والميثاق ألا أقتلك، فهو إثبات للعهد والميثاق إذا وجد الشرط، وهو تعليق للجزاء المقصود على الشرط المقصود، وهو يشبه قوله: لكَ عهد الله وميثاقه لئن أديت إليَّ ألفًا لأُعتقنَّك، وقوله: لكِ عهد الله وميثاقه لئن أديتِ إليَّ ألفًا لأطلقنَّك.
ولو قصد الإيقاع عند الشرط لوقع، فلو قال: إن أديتَ إليَّ ألفًا فأنت حر أو إن أديتِ إليَّ ألفًا فأنت طالق؛ وقع الطلاق والعتاق إذا وجد الشرط، كما لو قال الناذر: إِنْ شفى الله مريضي فعليَّ عتق رقبة أو فعبدي حر أو فعليَّ الحجُّ، فإنه إن وجد الشرط وجد الجزاء.
بخلاف قوله: إِنْ سافرتُ معكم أو إن كلمت فلانًا فعليَّ عتق عبد أو (¬٣) فمالي صدقة؛ فإنَّ هذا مقصوده ألا يسافر، ومقصوده ألا يعتق عبده ولا يكون ماله صدقة، وإن سافر وكلم فهو ممتنع من فعل الشرط وممتنع من
---------------
(¬١) في الأصل: (كان)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(¬٢) سيأتي تخريجه في (ص ٢٠١ - ٢٠٩).
(¬٣) في الأصل زيادة: (قتلت)، ولعل حذفها هو الصواب، فلم يُشِر لها فيما بعد.