كتاب صور من حياة الصحابيات

عين أمُّ سلمة بزوجها، وسَعِدَ أبو سلمة بصاحبته وولده ... ثمَّ طفقت الأحداث تمضي سراعًا كلمح البصر.
فهذه «بدرٌ» يشهدها أبو سلمة ويعود منها مع المسلمين، وقد انتصروا نصرًا مؤزرًا (¬1).
وهذه «أُحُدٌ» يخوض غمارها بعد «بدرٍ»، ويُبلي فيها أحسن البلاء وأكرمه، لكنَّه يخرج منها وقد جرح جُرحًا بليغًا، فما زال يعالجه حتَّى بدا له أنَّه قد اندمل (¬2)، لكنَّ الجرح كان قد رُمَّ على فسادٍ (¬3) فما لبث أن انتكأ (¬4) وألزم أبا سلمة الفراش.
وفيما كان أبو سلمة يعالج من جرحه قال لزوجه: يا أم سلمة، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
(لا تصيب أحدًا مصيبة، فيسترجع (¬5) عند ذلك ويقول:
¬_________
(¬1) مؤزراً: قوياً مبيناً.
(¬2) اندمل: تماثل للشفاء.
(¬3) رم الجرح على فساد: يعني صلح في الظاهر وهو فاسد في الحقيقة.
(¬4) انتكأ: انفتح.
(¬5) يسترجع: يقول إنَّا لله وإنا إليه راجعون.

الصفحة 119