كتاب صور من حياة الصحابيات

قالت: إنما أحزن عليك لو قتلت في باطل.
قال: كوني على ثقةٍ بأنَّ ابنك لم يتعمَّد إتيان منكرٍ قطُّ، ولا عمل بفاحشةٍ قطُّ، ولم يجر في حكم الله، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمَّد ظلم مسلمٍ ولا معاهدٍ (¬1)، ولم يكن شيء عنده آثر (¬2) من رضي الله عز وجلَّ ...
لا أقول ذلك تزكيةً لنفسي، فالله أعلم منِّي بي، وإنَّما قلته لأدخل العزاء (¬3) علي قلبك.
فقالت: الحمد لله الذي جعلك على ما يحبُّ وأحبُّ ...
اقترب منِّي يا بنيَّ لأتشمَّم رائحتك وألمس جسدك فقد يكون هذا آخر العهد بك.
فأكبَّ عبد الله على يديها ورجليها يوسعهما (¬4) لثماً، وأجالت هي أنفها في رأسه ووجهه وعنقه تتشمَّمُه وتُقبِّلُه ...
¬_________
(¬1) المعاهد: الذميُّ.
(¬2) آثر: أفضل.
(¬3) العزاء: الصَّبر.
(¬4) يوسعهما لثماً: يملؤهما تقبيلاً.

الصفحة 57