كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 1)

/ 8 - وفيه: مَيْمُونَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ، وَهِىَ حَائِضٌ. اختلف العلماء فى مباشرة الحائض، فقال مالك، والأوزاعى، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، والشافعى: له منها ما فوق الإزار، ولا يقرب ما دون الإزار، وهو ما دون الركبة إلى الفرج، وهو قول سعيد بن المسيب، وسالم، والقاسم، وطاوس، وشريح، وقتادة، وسليمان ابن يسار. وحجة أهل هذه المقالة ظاهر حديث عائشة وميمونة، لأنه لو كان الممنوع منها موضع الدم فقط لم يقل لها (صلى الله عليه وسلم) : تمت شدى عليك إزارك - لأنه لا يخاف منه (صلى الله عليه وسلم) التعرض لمكان الدم الممنوع، لملكه لإربه، ولكنه امتنع مما قارب الموضع الممنوع، لأنه من دواعيه، وقد جاء فى الشريعة المنع من دواعى الشىء المحرم لغلظه، من ذلك: الخطبة فى العدة، ونكاح المحرم، وتطيبه، لأن ذلك يدعو إلى شهوة الجماع المفسد للحج، وحكم لما قرب من الفأرة من السمن بحكم الفأرة، وقال (صلى الله عليه وسلم) : تمت من رتع حول الحمى يوشك أن يواقعه - وقالت طائفة: يجوز له أن يستمع منها بما دون الفرج، روى هذا عن ابن عباس، ومسروق، والنخعى، والشعبى، والحكم، وعكرمة، وهو قول الثورى، ومحمد بن الحسن، وبعض أصحاب الشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأصبغ بن الفرج. واحتجوا بما رواه أيوب، عن أبى معشر، عن النخعى، عن مسروق، قال: سألت عائشة، رضى الله عنها، ما يحل لى من امرأتى وهى حائض؟ قالت: كل شىء إلا الفرج. فلما منع من الإيلاج فى الفرج لم يمنع مما قاربه.

الصفحة 417