كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 2)

معارض لكتاب الله، عز وجل، وهو قوله تعالى: (وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) [النساء: 101] ، وهذا يدل أن صلاة السفر كانت كاملة؛ لأنه لا يجوز أن يؤمروا بالقصر إلا من شىءٍ تامٍّ قبل القصر، قال: ويدل على هذا ما رواه قتادة، عن سليمان اليشكرى أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة فى الخوف أى يوم أنزل، وأين هو؟ قال: انطلقنا نتلقَّى عير قريش من الشام حتى إذا كنا بنخل، جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا محمد، تخافنى؟ قال: (لا) ؟ ، قال: فمن يمنعك منى، قال: (الله) قال: فسل السيف فتهدده القوم وأوعدوه، فنادى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالرحيل، وأخذ السلاح، ونودى بالصلاة، فصلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بطائفة من القوم ركعتين، وطائفة من القوم يحرسونهم، ثم جاء الآخرون، فصلى بهم ركعتين والآخرون يحرسونهم، فكان للنبى (صلى الله عليه وسلم) أربع ركعات وللقوم ركعتان ركعتان، فيومئذ أنزل الله صلاة الخوف) . فالجواب: أنه لا تعارض بين حديث عائشة وبين كتاب الله، تعالى، وذلك أنه يجوز أن يكون فرض الصلاة كان ركعتين ركعتين فى الحضر والسفر كما قالت عائشة، فلما زيد فى صلاة الحضر، قيل لهم: إذا ضربتم فى الأرض، فصلوا ركعتين مثل الفريضة الأولى، ولا جناح عليكم فى ذلك، وقد جاء هذا المعنى بينًا فى حديث عائشة؛ روى داود بن أبى هند عن الشعبى، عن عائشة، قالت: (أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فلما قدم النبى (صلى الله عليه وسلم) المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها غير المغرب؛ فإنها وتر صلاة النهار، وصلاة الصبح؛ لطول

الصفحة 9