كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 4)

روى ذلك عن عطاء وطاوس والشعبى، وبه قال الشافعى وشرط إذا كان الرمى بعد نصف الليل. وقال النخعى ومجاهد: لا يرميها حتى تطلع الشمس. وبه قال الثورى وأبو ثور وإسحاق، والحجة لمالك والكوفيين حديث ابن عمر؛ لأنه قال فيه: (فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة) ، واحتج الشافعى بحديث عبد الله مولى أسماء أنه قال: (رحلنا مع أسماء من جمع لما غاب القمر، وأتينا منى ورمينا، ورجعت فصلت الصبح فى دارها، فقلت لها: رمينا قبل الفجرفقالت: هكذا كنا نفعل مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) . ولم يرو البخارى حديث أسماء على هذا النسق، ولا ذكر فيه: (رمينا قبل الفجر) وإنما ذكر فيه أن مولاها قال لها: (يا هنتاه غلسنا) وغلسنا لفظة محتملة للتأويل لا يقطع بها؛ لأنه يجوز أن يسمى ما بعد الفجر غلسًا. قال ابن القصار: ولو صح قوله: (رمينا قبل الفجر) لكان ظنا منه؛ لأنه لما رآها صلت الصبح فى دارها ظن أن الرمى كان قبل الفجر، والرمى كان بعد الفجر، فأخرت صلاة الصبح إلى دارها. وقولها: (هكذا كنا نفعل) إشارة إلى فعلها، وفعلها يجوز أن يكون بعد الفجر؛ لأنها لم تقل هى: رمينا قبل الفجر ولا قالت: كنا نرمى معه قبل الفجر؛ لأنه لم ينقل أحد عن النبى عليه السلام أنه رمى قبل الفجر، واحتج الشافعى أيضا

الصفحة 359