كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 4)

الشمس يوم النحر، ومن لم يدرك ذلك حتى تطلع الشمس فقد فاته الوقوف فيه بإجماع. وقال ابن المنذر: ثبت أن النبى عليه السلام أفاض من جمع قبل طلوع الشمس حين أسفر جدا، وأخذ بهذا ابن مسعود وابن عمر، وقال بذلك عامة العلماء أصحاب الرأى والشافعى، غير مالك فإنه كان يرى أن يدفع قبل طلوع الشمس وقبل الإسفار. قال المهلب: فإنما عجل النبى عليه السلام الصلاة، وزاحم بها أول وقتها ليدفع قبل إشراق الشمس على جبل ثبير ليخالف أمر المشركين، فكلما بَعُدَ دفعُه من طلوع الشمس كان أفضل، فلهذا والله أعلم اختار هذا مالك. قال الطبرى: وقوله: (لا يفيضون) يعنى: لا يرجعون من المشعر الحرام إلى حيث بدأ المصير إليه من منى حتى تطلع الشمس، وكذلك تقول العرب لكل راجع من موضع آخر إلى الموضع الذى بدا منه: أفاض فلان من موضع كذا. وكان الأصمعى يقول: الإفاضة: الدفعة، وكل دفعة إفاضة، ومنه قيل: أفاض القوم فى الحديث، إذا دفعوا فيه. وأفاض دمعه يفيضه، فأما إذا سالت دموع العين، فإنما يقال: فاضت عينه بالدموع. قال ابن قتيبة: وقولهم: أَشْرق ثبير، هو من شروق الشمس، وشروقها: طلوعها، يقال: شرقت الشمس شروقًا، إذا هى طلعت، وأشرقت: إذا أضاءت، وإنما يريدون: أُدْخُلْ أيها الجبل فى

الصفحة 367