كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 4)

رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] المكان الذى يقع فيه النحر؛ فإذا بلغ محله جاز أن يحلق قبل الذبح. وقال زفر: إن كان قارنًا فعليه دمان لتقدم الحلاق. وقال أبو يوسف ومحمد: لا شىء عليه. واحتجا بقوله عليه السلام: (لا حرج) وقول أبى حنيفة وزفر مخالف للحديث، فلا وجه له. واختلفوا فيمن طاف للزيارة قبل أن يرمى، فقال الشافعى: إن ذلك يجزئه ويرمى، على نص الحديث. وروى ابن عبد الحكم عن مالك أنه يرمى ثم يحلق رأسه، ثم يعيد الطواف؛ فإن رجع إلى بلده فعليه دم، ويجزئه طوافه، وهذا خلاف نص ابن عباس، وأظن مالكًا لم يبلغه الحديث، وفيه رَد لما كرهه مالك أن يسمى طواف الإفاضة: طواف الزيارة؛ لأن الرجل قال للنبى عليه السلام: (زرت قبل أن أرمى) فلم ينكر الرسولُ (صلى الله عليه وسلم) عليه. واختلفوا فيمن أفاض قبل أن يحلق بعد الرمى، فقال ابن عمر: يرجع فيحلق أو يُقَصِّر، ثم يرجع إلى البيت فيفيض. وقالت طائفة: تجزئه الإفاضة ويحلق أو يقصر، ولا شىء عليه. هذا قول عطاء ومالك والشافعى، وقال مالك فى الموطأ: أحب إلىّ أن يهريق دمًا؛ لحديث ابن عباس. وأما إذا ذبح قبل أن يرمى، فقال مالك وجمماعة من العلماء: لا شىء عليه؛ لأن ذلك نص فى الحديث، والهدى قد بلغ محله، وذلك يوم النحر، كما لو لم يَنْحَر المعتمر بمكة هديًا ساقه قبل أن يطوف لعمرته. واختلفوا إذا قَدَّم الحلق على الرمى، فقال مالك وأبو حنيفة: عليه الفدية، والحجة فيها أنه حرام عليه أن يمس من شعره شيئًا، أو يلبس، أو يمس طيبًا حتى يرمى جمرة العقبة، وقد حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

الصفحة 398