كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 4)

حكم اللباس وغيره، وأيضًا فإنه دَعَا للمحلقين ثلاثًا، ولم يَدْعُ لهم على شىء من فعل المباحات مثل اللباس والطيب، ودعاؤه عليه السلام معه الثواب، فثبت أن الحلاق نسك؛ لأن الثواب يقع عليه، ولو كان أباحه من حَظْرٍ لم يستحق الدعاء والثواب عليه. واجمعوا أن النساء لا يحلقن، وأن سنتهن التقصير. قال المهلب: ووجه دعاء النبى (صلى الله عليه وسلم) للمحلقين ثلاثًا والله أعلم أن التحليق أبلغ فى العبادة، وأدل على صدق النية فى التذلل لله؛ لأن المفصر لشعره مبق لنفسه من الزينة التى أراد الله أن يأتيه المستجيبون لدعوته بالحج مبرئين منها، مظهرين للذلة والخشوع، مجانبين للطيب والتزين كله، شعثًا غبرًا، ومن ترك من شعره البعض فقد أبقى لنفسه من الزينة ما دل على أنه لم يتزين بالشعث والغبرة لله وحده، فأكد النبى عليه السلام الحض على الشعث والغبرة بالدعوة لمن آثرها على إبقاء الزينة لدنياه، ثم جعل له من الدعوة نصيبًا، وهو الربع، لئلا يخيب أحدًا من أمته من صالحٍ دعوتِهِ. وقال أبو عبيد: المِشْقَص: النصل الطويل، وليس بالعريض. قال أبو حنيفة الدينورى: المشقص: كل نصل فيه عين وكل ناتئ فى وسطه حديدة فهو عين ومنه عين الكتف والورقة.

الصفحة 403