كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 4)

والشافعى ومن وافقهم، أن من لم يودع البيت فعليه دم، وقولهم خلاف حديث صفية، وفى قوله: (أحابستنا هى؟) دليل أن طواف الإفاضة يحبس الحائض بمكة، لا تبرح حتى تطوف للإفاضة؛ لأنه الطواف المفترض على كل من حج، وعلى هذا أئمة أهل العلم. قال مالك: إذا حاضت المرأة بمنى قبل أن تفيض حُبس عليها كَرِيُّهَا أكثر ما يحبس النساء الدم. قال ابن عبد الحكم: ويحبس على النساء أكثر ما يحبس النساء الدم فى النفاس، ولا حجة للكَرِىِّ أن يقول لم أعلم أنها حامل. قال مالك: وليس عليها أن تعينه فى العلف. وقال ابن المواز: لست أعرف حبس الكَرِىِّ، كيف يحبس وحده يعرض لقطع الطريق. وقال الشافعى: ليس على جَمَّالها أن يحبس عليها، ويقال لها: احملى مكانك مثلك. قال المؤلف: والصواب فى حديث عائشة رواية مسدد وجرير عن منصور فى قولها: (لا) وقد بان ذلك فى حديث أبى معاوية أنها قالت: (فحضت قبل أن أدخل مكة) وقال فليح: (فما كنا بسرف حضت، فقال عليه السلام: افعلى كما يفعل الحاج غير ألا تطوفى بالبيت حتى تطهرى. قالت: فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فلما قدمنا طهرتُ، فخرجت من منى فأفضت بالبيت) . فدل هذا الحديث أن عائشة لم تكن متمتعة؛ لأنها لم تطف بالبيت حين قدمت مكة، كما طاف من فسخ حجه فى عمرة من أجل حيضتها، ولذلك قالت: (كل أصحابك يرجع بحجة وعمرة غيرى؟) فأمر أخاها أن يخرجها إلى التنعيم فتهل منه بعمرة لترجع بحجة وعمرة كما أرادت، ودل هذا أيضًا أنها لم تكن قارنة، ولو كانت قارنة لم تأسف على فوات العمرة، ولا قالت: (كل أصحابك يرجع بحجة وعمرة غيرى) فثبت أنها كانت مفردة بالحج.

الصفحة 427