كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 4)

شهاب بينه وبين سعد رجل، وذكر ابن المواز عن مالك قال: سمعت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمر بقتل الوزغ، فأما المحرم فلا يقتلها؛ فإن قتلها رأيت أن يتصدق مثل شحمة الأرض. قيل له: وقد أذن الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى قتلها؟ قال: وكثير مما أذن الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى قتله لا يقتله المحرم. وروى ابن القاسم وابن وهب، عن مالك قال: لا أرى أن يقتل المحرم الوزغ؛ لأنه ليس من الجنس الذى أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بقتلهن؛ فإن قتلها تصدق. قال: ولا يقتل المحرم قردًا ولا خنزيرًا ولا الحية الصغيرة ولا صغار السباع. وقال الشافعى: ما يجوز للمحرم قتله فصغاره وكباره سواء لا شىء عليه فى قتلها. وقال مالك فى الموطأ: ولا يقتل المحرمُ ما ضَرَّ من الطير إلا ما سَمَّى الرسولُ (صلى الله عليه وسلم) : الغراب والحدأة، فإن قتل غيرهما من الطير فَدَاهُ. قال إسماعيل: واختلف المدنيون فى الزنبور، فشبهه بعضهم بالحية والعقرب، فإن عرض لإنسان فدفعه عن نفسه لم يكن عليه فيه شئ. وذكر ابن المنذر أن عمر بن الخطاب كان يأمر بقتله، وقال عطاء وأحمد: لا جزاء فيه. وقال بعضهم: يُطعم شيئًا. قال إسماعيل: وإنما لم يدخل أولاد الكلب العقور فى حكمه؛ لأنهن لا يعقرن فى صغرهن، وقد سمى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخمس فواسق، والفواسق: فواعل، والصغار لا فعل لهن. وقال الخطابى: أصل الفسق الخروج عن الشئ، ومنه قوله: (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [الكهف: 50] أى: خرج، وسمى الرجل فاسقًا لانسلاخه من الخير. وقال ابن قتيبة: لا أرى الغراب سماه فاسقًا إلا لتخلفه عن أمر نوح

الصفحة 495