كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 7)

/ 43 - وفيه: عَلِىُّ، أَهْدَى لَىّ النَّبِىُّ، عَلَيْهِ السَّلام، حُلَّةَ سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِى وَجْهِهِ، فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِى. هدية ما يكره لبسه مباحة؛ لأن ملكه جائز، ولصاحبه التصرف فيه بالبيع والهبة، لمن يجوز له لباسه مثل النساء والصبيان، وإنما كره من الحرير لباسه للرجال خاصة دون ملكه. قال المهلب: وإنما كره النبى (صلى الله عليه وسلم) الحرير لابنته؛ لأنها ممن يرغب لها فى الآخرة كما يرغب لنفسه، ولا يرضى لها تعجيل طيباتها فى الحياة الدنيا، فدل هذا على أن النهى عن الحرير إنما هو من جهة السرف. لأن الحديث الذى يروى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) فى تحريم الحرير قد سألت عنه أبا محمد الأصيلى، وأوقفته على لفظة حرام، فقال لى: لا تصح لفظة حرام البتة، وإن صحت فإنما معناها حرام تحرمه السنة، وحرام دون حرام، وهو كقوله عَلَيْهِ السَّلام: (كل ذى ناب من السباع حرام) . وفى ذلك الحديث حل لإناثها، فقد كرهه لابنته وهو حلال، فكذلك كرهه للرجال من أجل السرف، وقوله فى حديث ابن عمر: (ما لى وللدنيا؟) ، دليل قاطع. وقوله: (إنما يلبسها من لا خلاق له فى الآخرة) ، فإنما يريد

الصفحة 127