كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 7)

لها غير العتاق على حديث صفية، روى هذا عن أنس بن مالك أنه فعله، وهو راوى حديث صفية، وهو قول سعيد بن المسيب، وطاوس، والنخعى، والحسن البصرى، والزهرى، وإليه ذهب الثورى، وأبو يوسف، وأحمد، وإسحاق. وقال آخرون: ليس لأحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يفعل هذا، وإنما كان ذلك خاصًا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؛ لأن الله أباح له أن يتزوج بغير صداق، ولم يجعل ذلك لأحد من المؤمنين غيره، هذا قول مالك، وأبى حنيفة، وزفر، ومحمد، والشافعى. واحتج أهل المقالة الأولى بأن عبد الله بن عمر، روى عن النبى، عليه السلام، أنه فعل فى جويرية بنت الحارث مثل ما فعله فى صفية أنه أعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها، رواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع عنه. وقال أهل المقالة الثانية: لا حجة فى خبر جويرية أيضًا؛ لأن ابن عمر رواه عن النبى (صلى الله عليه وسلم) ، وقال: إنه خاص له. قال الطحاوى: فنظرنا فى عتق النبى (صلى الله عليه وسلم) جويرية كيف كان، فروى ابن إسحاق عن عمر بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة، أنه لما أصاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنى المصطلق، وقعت جويرية بنت الحارث فى سهم ثابت بن قيس، فكاتبت على نفسها وجاءت تستعين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى كتابتها، فقال لها: (هل لك فى خير من ذلك، أقضى عنك كتابتك وأتزوجك؟) ، قالت: نعم، فتزوجها.

الصفحة 177