كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 7)

هذه المسألة فى باب إذا كان الولى هو الخاطب بعد هذا، إن شاء الله. قال ابن المنذر: وفى تزويج النبى (صلى الله عليه وسلم) صفية من نفسه إجازة النكاح بغير شهود إذا أعلن، وهو قول الزهرى، وأهل المدينة، ومالك، وعبد الله بن الحسن، وأبى ثور، وروى عن ابن عمر أنه تزوج ولم يحضر النكاح شاهدين، وأن الحسن بن على زوج عبد الله ابن الزبير وما معهما أحد من الناس ثم أعلنوه بعد ذلك. وقالت طائفة: لا يجوز نكاح إلا بشاهدى عدل، روى ذلك عن ابن عباس، وعطاء، والنخعى، وسعيد بن المسيب، والحسن، وبه قال الثورى، والأوزاعى، والشافعى، وأحمد ابن حنبل، وقال أبو حنيفة: لا يجوز النكاح إلا بشاهدين، ويجوز أن يكونا محدودين فى قذف، أو فاسقين، أو أعميين، وأجمع العلماء على رد شهادة الفاسق. وكان يزيد بن هارون يعتب أصحاب الرأى، ويقول: أمرنا الله بالإشهاد عند التبايع، فقال: (وأشهدوا إذا تبايعتم) [البقرة: 282] ، وأمر بالنكاح ولم يأمر بالإشهاد عليه، فزعم أصحاب الرأى أن البيع الذى أمر الله بالإشهاد عليه جائز من غير شهود، وأن النكاح الذى لم يأمر بالإشهاد عنده لا يجوز إلا بشهود. قال ابن المنذر: وقد اختلف فى ذلك أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، وجاء الحديث الثابت الدال على إجازة النكاح من غير شهود، وهو حديث تزويج الرسول (صلى الله عليه وسلم) صفية، ألا ترى أن أصحابه اختلفوا فلم يعرفوا إن كانت زوجة له أو ملك يمين، واستدلوا على أنه تزوجها بالحجاب.

الصفحة 179