كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 7)

وفيه: كتمان السر، فإن أظهره الله أو أظهره صاحبه جاز للذى أسر إليه إظهاره، ألا ترى أن النبى، عليه السلام، لما أظهر تزويجها أعلم أبو بكر عمر بما كان أسر إليه منه، وكذلك فعلت فاطمة فى مرض النبى، عليه السلام، حين أسر إليها أنها أول أهله لحاقًا به، فكتمته حتى توفى، وأسر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى حفصة تحريم جاريته مارية، فأخبرت حفصة عائشة بذلك، ولم يكن النبى، عليه السلام، أظهره، فذم الله فعل حفصة وقبول عائشة لذلك، فقال: (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) [التحريم: 4] ، أى مالت وعدلت عن الحق. وفى قول أبى بكر لعمر بعد تزويج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بها: لعلك وجدت علىّ، دليل على أن الرجل إذا أتى إلى أخيه ما لا يصلح أن يؤتى إليه من سوء المعاشرة أن يعتذر ويعترف، وأن الرجل إذا وجب عليه الاعتذار من شىء وطمع بشىء تقوى به حجته أن يؤخر ذلك حتى يظفر ببغيته ليكون أبرأ له عند من يعتذر إليه. وفى قول عمر لأبى بكر: نعم دليل على أن على الإنسان أن يخبر بالحق عن نفسه وإن كان عليه فيه شىء. قال المهلب: والمعنى الذى أسر أبو بكر، عن عمر، ما أخبره به النبى، عليه السلام، هو أنه خشى أبو بكر أن يذكر ذلك لعمر، ثم يبدو للنبى الإعراض عن نكاحها فيقع فى قلب عمر للنبى (صلى الله عليه وسلم) مثل ما وقع فى قلبه لأبى بكر. وفى قول أبى بكر لعمر: كنت علمت أن النبى، عليه السلام،

الصفحة 230