كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 8)

واختلف قول مالك وأصحابه هل تقبل شهادته فى كل شىء؟ فروى عنه ابن نافع أن المحدود إذا حسنت حاله قبلت شهادته فى كل شىء وهى رواية ابن عبد الحكم عنه، وهو قول ابن كنانة، ورواه أبو زيد عن أصبغ. وذكر الوقار عن مالك أنه لا تقبل شهادته فيما حد فيه خاصة وتقبل فيما سوى ذلك إذا تاب. وهو قول مطرف وابن الماجشون. وروى العتبى عن أصبغ وسحنون مثله، والقول الأول أولى لعموم الاستثناء، ورجوعه إلى أول الكلام وآخره، ومن ادعى تخصيصه فعليه الدليل. واختلف مالك والشافعى فى توبة القاذف ما هى؟ فقال الشافعى: توبته أن يكذب نفسه. روى ذلك عن عمر بن الخطاب، واختاره إسماعيل بن إسحاق. وقال مالك: توبته أن يزداد خيرًا. ولم يشترط إكذاب نفسه فى توبته؛ لجواز أن يكون صادقًا فى قذفه. قال المهلب: وكان المسلمون احتجوا فى هذا على أبى بكرة، ألا ترى أنهم يروون عنه الأحاديث، ويحملون عنه السنة وهو لم يكذب نفسه، وقد قال له عمر: ارجع عن قذفك المغيرة ونقبل شهادتك. وإنما قال له عمر ذلك، والله أعلم، استظهارًا له كمال التوبة بالرجوع عما قال فى القذف، وإن كان يستجزئ بصلاح حاله عن تكذيب نفسه فى قبول شهادته. وأما قوله: وكيف تعرف توبته، وقد نفى النبى (صلى الله عليه وسلم) الزانى سنة، ونهى عن كلام كعب ابن مالك وصاحبيه حتى مضى خمسون ليلة؟ فتقدير الكلام. باب شهادة القاذف والسارق والزانى وباب كيف تعرف توبته، وكثيرًا ما يفعله البخارى يردف ترجمة على ترجمة وإن بعد ما بينهما،

الصفحة 18