كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 10)

التوءمة، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله: (من لم يدع الله غضب الله عليه) . وروى شعبة، عن منصور، عن ذَرِّ، عن يُسَيْعٍ الحضرمى، عن النعمان بن بشير عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (الدعاء هو العبادة) وقرأ: (ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى) [غافر: 60] فسمى الدعاء عبادة، وروى الأوزاعى، عن الزهرى، عن عروة، عن عائشة، عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (إن الله يحب الملحين فى الدعاء) . فإن ظن ظان أن قول أبى الدرداء يكفى من الدعاء مع العمل ما يكفى من الملح. وقيل لسفيان: أدع الله؟ فقال: إن ترك الذنوب هو الدعاء. مخالف لما جاء من فضل الإلحاح فى الدعاء والأمر بالدعاء والضراعة إلى الله، فقد ظن خطئًا. وذلك أن الذى جبلت عليه النفوس أن من طلب حاجةً ممن هو عليه ساخط لأمر تقدّم منه استوجب به سخطه أنه بالحرمان أولى ممن هو عنه راضٍ لطاعته له واجتنابه سخطه، فإذا علم من عبده المطيع له حاجةً إليه كفاه اليسير من الدعاء. فإن قيل: هل من علامة يعلم بها إجابة الله العبد فى دعائه؟ . قيل: قد جاء فى ذلك غير شىء، منها ما روى شهر بن حوشب: (أن أمّ الدرداء قالت له: يا شهر إن شفق المؤمن فى قلبه كسعفة أحرقتها فى النار، ثم قالت: يا شهر ألا تجد القشعريرة؟ قلت: نعم. قالت: فادع الله فإن الدعاء يستجاب عند ذلك) . وروى ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير (أنه سمع أبا رهم السماعى يقول: ما يشعر به عند الدعاء والعطاس) .

الصفحة 73