كتاب شرح صحيح البخارى لابن بطال (اسم الجزء: 10)

ذلك. فمنها: أوقات كان يدعو فيها إلى ربه تعالى، ويعين له ما يدعو فيه فى أوقات الخلوة، وعند فراغ باله وعلمه بأوقات الغفلة التى ترجى فيها الإجابة، فكان يلح عند ذلك ويجتهد فى دعائه، ألا ترى سؤاله (صلى الله عليه وسلم) ربه حين انتبه من نومه أن يجعل فى قلبه نورًا، وفى بصره نورًا، وفى سمعه وجميع جوارحه؟ ومنها: أوقات كان يدعو فيها بجوامع الدعاء ويقتصر على المعانى دون تعيين وشرح، فينبغى الاقتداء بالنبى (صلى الله عليه وسلم) فى دعائه فى تلك الأوقات، والتأسى به فى كل الأحوال، وقد تقدّم حديث ابن عباس فى باب التهجد والكلام عليه. وقول كريب: وسبع فى التابوت يعنى: أنه أنسى سبع خصال من الحديث على ما يقال لمن لم يحفظ العلم؛ علمه فى التابوت، وعلمه مستودع فى الصحف، وليس كريب القائل: فلقيت رجلاً من ولد العباس فحدثنى بهنّ، وإنما قاله سلمة بن كهيل الراوى عن كريب سأل العباس عنهن حين نسيهن كريب فحفظ سلمة منهن خمسًا ونسى أيضًا خصلتين. قال المؤلف: وقد وجدت الخصلتين من رواية داود بن على بن عبد الله بن عباس عن أبيه وهما: (اللهم اجعل نورًا فى عظامى ونورًا فى قبرى) . وقوله: (فتمطيت كراهية أن يرى أنى كنت أبغيه) التمطى: التمدد، وأبغيه: أرصده، قال الخليل: يقال: بغيت الشىء أبغيه إذا نظرت إليه ورصدته، وإنما فعل ذلك ابن عباس ليُرىّ النبي - عليه السلام - أنه كان نائمًا وأنه لم يرصده؛ إذ كل أحدٍ إذا خلا في

الصفحة 86