كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 1)

وقال الشافعي: أنفقت على كتب محمد بن الحسن ستين دينارًا ثم تدبرتها فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثًا.
وقال الحميديّ: كان الشافعي رجلًا شريفًا، وكان يطلب اللغة، والعربية والفصاحة، والشعر في صغره وكان كثيرًا ما يخرج إلى البَدْوِ، فبينا هو ذات يوم في حيِّ من أحْياءِ العرب جاء إليه رجل فقال له: ما تقول في امرأة تحيض يومًا وتطهر يوما؟.
فقال: ما أدري. فقال له البدوي: يا ابن أخي الفريضة أولى بك من النافلة.
فقال له الشافعي: إنما أريد هذا لذاك وعليه قد عزمتُ وباللَّه التوفيق، ثم خرج إلى مالك بن أنس وكان مالك صدوقًا في حديثه وحيدًا في مجلسه فدخل الشافعي عليه فارتفع على أصحابه فهزه مالك فوجده موفورًا (¬1) من الأدب فرفعه على أصحابه، وقدمه عليهم، وقربه من نفسه.
وقال الشافعي: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وحفظت "الموطأ" وأنا ابن عشر سنين.
وقال الخطيب أبو بكر بن ثابت البغدادي: كان العلم بالمدينة قد انتهى إلى الفقهاء السبعة وهم: سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هاشم، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق فأخذ عن هؤلاء السبعة علمهم: محمد بن شهاب الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وأبو الزناد؛ وأخذ الشافعي علم هؤلاء الأربعة عن أصحابهم، أما الزهري فحفظ علمه عن مالك وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن سعد ومسلم بن خالد الزنجي وعمه: محمد بن علي بن شافع. وأما يحيى بن سعيد وربيعة وأبو الزناد فحفظ علمهم عن مالك وسفيان، وكان من فقهاء
¬__________
(¬1) في الحلية (9/ 81) بلفظ: (فنهره مالك فوجده موقرًا في الأدب).

الصفحة 40