كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 1)

وهذا حجر يتعذر مع العمل به رواية الحديث إلا على الآحاد ولا تجوز رواية الفاسق ولا صاحب بدعة وهوى في دينه يدعو إلى هواه على أن جماعة من أئمة الحديث قد أخذوا عن جماعة من الخوارج والقدرية والغلاة وتخرج عن الأخذ عنهم آخرون.
وللراوي صفات أخرى ليست شرطًا ولكنها مكملات منها: العلم والفقه، ولا يشترط ذلك، ومنها مجالسة العلماء وسماع الحديث فليس شرطًا بل تقبل رواية الأعرابي ومن لم يجالس أحدًا من أهل العلم، ومنها معرفة نسب الراوي ليست شرطًا بل تقبل رواية المجهول النسب.
الفرع الثاني: في مستند الراوي وكيفية أخذه.
راوي الحديث لا يخلو في تلقيه الحديث من طرق ست؛ الأولى -وهي العليا-: قراءة الشيخ في معرض الإخبار ليروي عنه، وذلك إذْن منه للراوي على أن يقول: حدثنا، وأخبرنا، وقال فلان، وسمعته يقول.
وقد فرق قوم بيْن "حَدَّثنا"، "وأخبرنا" فقالوا: "حدثنا" عبارة عما سمعته من لفظ الإمام مع الناس، و"حدثني" ما سمعته وحدك و"أخبرنا" ما قُرئ على الإمام وأنت حاضر، "وأخبرني" ما قرأته على الإمام، والصحيح أنه لا فرق بينهما، وعليه الأكثر، وأما "أنبأنا" فإن أهل الحديث يطلقونه على الإجازة والمناولة دون القراءة والسماع اصطلاحًا وإلا فلا فرق بين الإنباء والإخبار.

الصفحة 54