كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 1)

بُرٍّ في زكاة الفطر"
النوع الثاني: في نقل لفظ الحديث بالمعنى:
وهو حرام على الجاهل بمواقع الخطاب ودقائق الألفاظ، أما العالم بذلك فقد جوزه الشافعي وأبو حنيفة، ومالك، وجماهير الفقهاء، ومعظم أهل الحديث، وقال قوم: لا يجوز إلا إبدال اللفظ بما يرادفه ويساويه في المعْنى. ومدار القول في ذلك على أربعة أقسام:
الأول: أن يكون الحديث محكمًا لا يحتمل التأويل بوجه، فيجوز نقله بالمعنى لأنه لا يحتمل إلا معنى واحدًا.
والثاني: أن يكون الخبر ظاهر المعنى ويحتمل غير ما ظهر، ولا يجوز النقل بالمعنى إلا للفقيه العالم بطرق الاجتهاد والدين لئلاً يكسوه لفظًا آخر لا يحتمل ما احتمله اللفظ الأول.
والثالث: أن يكون الخبر مشتركًا أو مشكلًا، فلا يجوز النقل بالمعنى على جهة التأويل لأنه لا يتوقف على معناه إلا بنوع تأويل، وتأويل الراوي لا يكون حجة على غيره فإنه يكون ضربًا من القياس.
والرابع: أن يكون الخبر مجملًا فلا يتصور نقله بالمعنى لأنه لا يوقف على معناه، وما لا يوقف على معناه فلا يتصور نقله بمعناه فيكون الامتناع بذاته لا بدليل يمتنع الناقل عنه.
والقول الجامع: أن اللفظ إذا كان مما يجب نقله للعمل بمعناه فوقف على معناه حقيقة ثم أدى بلفظ آخر بغير خلل فيه سقط اعتبار اللفظ، فالنقل باللفظ عزيمة، وبالمعنى رخصة في بعض الأخبار -على التفصيل المذكور-.
النوع الثالث: رواية بعض الحديث وهي ممتنعة عند أكثر من منع نقل الحديث بالمعنى، ومن جوز ذلك جوز هذا إن كان قد رواه مرة بتمامه ولم يتعلق

الصفحة 57