كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

عليه في رجوعهم، الذي هو أكبر أغراضهم ومقاصدهم، حيث جاء بلفظ السؤال والعرض المترفع.
ثم قوله: "فعلمتموهم" لم يأت به بلفظ الأمر وجاء به بلفظ الخبر؛ لئلا يكونوا مع كلفة مشقة التعليم مأمورين به.
ثم لما أراد أن يصدر الأمر الذي يثبت عندهم وجوب المأمورية؛ وإلا كانوا يظنونه غير واجب حيث لم يجئ بلفظ الأمر، قال عقيب هذه الألفاظ اللطيفة: "مروهم فليصلوا كذا في حين كذا" فجعلهم آمرين وأولئك مأمورين، مجمع بين تفضليهم عليهما بالأمر ليهون ذلك عليهم؛ وبين جعل أولئك مأمورين ليتحقق وجوبها المأمور به.
وقوله: "فليصلوا كذا" أي كذا ركعة إما أربعًا، أو ثلاثًا أو اثنتين.
وقوله: "في حين كذا" أي وقت الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء أو الصبح.
فقوله: "فليصلوا صلاة كذا" أي صلاة الظهر والصبح وغيرهما, وليس هذان اللفظان من قبيل التكرار الذي يفيد تأكيدًا وبيانًا فحسب؛ بل كل واحد منهما له معنى جىء به من أجله ليس في الآخر.
أما الأول وهو قوله: "فليصلوا كذا" فإنما ساقه لبيان عدد ركعات كل صلاة؛ وإن لم يعرف المخاطب اسم الصلاة، أي صلوا أربع ركعات بعد الزوال، وثلاثًا بعد المغرب، واثنتين بعد طلوع الفجر؛ وهذا خطاب أول لمن يعرف أسماء الصلوات؛ وإن واحدة منها تسمى صلاة الظهر والأخرى صلاة العصر، ولا يعرف عدد ما عليه من الركعات المفترضة في كل وقت.
فجمع هذا اللفظ بين إعلام عدد الركعات المفترضة؛ وبين أوقاتها.
وأما اللفط الثاني وهو: "صلوا كذا في حين كذا" فإنه مسوق لبيان أوقات

الصفحة 17