كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

وأما التقديم بالنسب: فبنو هاشم من قريش، ثم بنو المطلب ثم قريش على غيرهم.
قال إمام الحرمين: يرجع ضبط الكلام في الأولوية إلى أن السلطنة مقدمة على كل إمام؛ ثم المالك للموضع؛ فإن لم تكن ولاية ولا مالك فالذي يختص بالصلاة القراءة والفقه. وقد ذكرناهما وما قيل فيهما.
وأما الورع وإن لم يكن شرطًا في صحة الصلاة؛ فله تعلق عظيم بثقة المقتدي وحسن ظنه في رعاية الإمام. شرائط الصلاة ثم السن والنسب لا تعلق لهما بالصلاة، ولكنهما من موجبات التقديم.
وتحقق قول إمام الحرمين أن الشافعي لما روى حديث مالك بن الحويرث قال: هؤلاء قوم قَدِموا معًا فأشبهوا أن تكون قراءتهم وفقههم سواء فأمروا أن يؤمهم أكبرهم.
وبهذا نأخذ فنأمر القوم إذا اجتمعوا في الموضع ليس فيهم والٍ، وليسوا في منزل أحد؛ أن يقدموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقة ما (¬1) يلزمه في الصلاة، ويقدموا هذين معًا على من هو أسن منهما.
وأشار إلى حديث أبي مسعود الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله؛ فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة؛ فإن كانوا في السنه سواء فأقدمهم هجرة؛ فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنًّا, ولا يؤمن الرجل في سلطانه، ولا يجلس على [تكرمته] (¬2) إلا بإذنه" (¬3).
قال الشافعي: وإنما قيل -والله أعلم- أن يؤمهم أقرؤهم "أن من مضى من الأئمة كانوا يُسْلمون كبارًا فيفقهون قبل أن يقرءوا، ومن بعدهم كانوا يقرءون
¬__________
(¬1) في الأصل [ما لم] وهي زيادة غربية والمعنى غير مستقيم بإثباتها.
(¬2) ما بين المعقوفتين بالأصل [تركته] وهو تصحيف والمثبت هو الصواب كذا جاء في الأصول المخرج فيها ومعنى تكرمته، أي: فراشه.
(¬3) أخرجه مسلم (673) وغيره.

الصفحة 21