كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

قوله تعالى {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} (¬1).
وذلك أنه لما كان نزول القرآن مفرقًا منجمًا قال فيه: نزل ولما كان نزول التوراة والإنجيل دفعة واحدة قال: أنزل.
وقوله في رواية أخرى: "فليصل كيف شاء" هو من قوله: "فليطول ما شاء" لأنه رد الأمر في الصلاة إليه ردًّا مطلقًا جمع الطول والقصر والوسط، إلا أن الأول في هذا المقام أولى، لأنه إنما أنكر عليه الإطالة وأمره بالتخفيف في حالة الإمامة، فينبغي أن يكون في مقابلة ذلك؛ التعريض إليه في الإطالة التي هي خلاف التخفيف، ومراده بالتخفيف: تقليل القراءة والأذكار.
"وذو الحاجة": يريد به من يكون له شغل تأخر عن قضائه والسعي فيه؛ لإشغاله بالصلاة وطولها فيتبرم بالصلاة ويضج منها؛ فيكون ذلك أمنًا إلى فوات حاجته أو تأخرها، وإلى كراهيته للصلاة ونفوره منها.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن على الإمام تخفيف الصلاة قال: ويستحب للإمام أن يكمل الصلاة ويخففها أي يكمل أفعالها ويخفف أذكارها وقراءتها.
قال أبو إسحاق المروزي: هذا إذا كان يصلي في مسجد يستطرقه الناس، فأما إذا كان يصلي في موضع يصلي فيه أهل قريته ومحلته ورضوا بالتطويل، جاز وكان أولى.
وقد أخرج المزني عن الشافعي: عن [عبد] (¬2) المجيد، عن ابن جريج [قال أخبرنى] (¬3) عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن نافع بن سرجس قال: عدنا أبا
¬__________
(¬1) آل عمران: (3).
(¬2) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل والصواب إثباته، كذا جاء في السنن المأثورة له (392)، وعنه البيهقي في المعرفة (5881).
(¬3) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل والمثبت هو الصواب وكذا جاء في السنن المأثورة (392)، وأحمد في مسنده (5/ 218) والبيهقي في السنن الكبير (3/ 118)، والمعرفة (5881).

الصفحة 27