كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

[رياحًا] (¬1) ولا تجعلها ريحًا".
قال ابن عباس: في كتاب الله {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} (¬2) و {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} (¬3) وقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} (¬4) و {أَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} وفي بعض النسخ (¬5) {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} (¬6).
هذا حديث حسن مشهور، وقد أخرجه جماعة من الأئمة في كتبهم (¬7).
"جثا يجثوا": إذا قعد على ركبتيه، وعطف ساقيه إلى تحته، وهو قعود المستوفز والخائف الذي إن اجتاح إلى النهوض نهض سريعًا، وهو أيضاً قعود الصغير بين يدي الكبير وفيه نوع أدب، كأنه لما هبت الريح وأراد أن يخاطب ربه -عز وجل- بالدعاء، قعد قعود المتواضع لربه الخائف من عذابه، المتأدب بي يديه ثم دعا.
وأما قوله: "اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا" فقد فسر ذلك ابن عباس في سياق الحديث بورود الريح مفردة للعذاب، وورودها مجموعة للرحمة بما ذكر من الآيات، ومما يوضح ذلك أن الرياح المعروفة المشتهرة أربع: الجنوب، والشمال، والصبا، والدبور.
¬__________
(¬1) بالأصل [ريا] وهو تصحيف والمثبت هو الصواب وانظر الأم (1/ 253).
(¬2) القمر: (19).
(¬3) الذاريات: (41).
(¬4) الحجر: (22).
(¬5) وهو الصواب، والآية من سورة الروم: [46].
(¬6) الروم: [46].
(¬7) أخرجه أبو يعلى (2450)، والطبراني في الكبير (11/ 213 رقم 11533)، وفي الدعاء (977): وعزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3396) إلى مسند مسدد.
كلهم من طريق حسين بن قيس، عن عكرمة، عن ابن عباس بنحوه.
قال الهيثمي في المجمع (10/ 136) فيه حسين بن قيس الملقب بحنش وهو متروك وقد وثقه حصين ابن نمير وبقية رجاله رجال الصحيح.
قلت: حسين وهاه جمهور النقاد وراجع الميزان (1/ 546).

الصفحة 351