كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

عليها لخصيصة فيها عرفها، وأنه ينبغي أن يحذر المصلي من فواتها حذره من ذهاب أهله.
وهذا الحديث يتضمن الوعيد لمن فاتته صلاة العصر لمعنى لا شك فيها يخصها، وإلا فغيرها من الصلوات الباقية لا فرق بين وجوبها وافتراضها وبين هذه، وجميع أحكامها مطردة.
وفوات الصلاة لا يخلو أن يكون عن عذر، أو جهل، أو تعمد.
فأما العذر بالمرض وغيره من الأعذار، فإنه لا يسقط الصلاة بل يصلي على حسب حاله وطاقته.
وأما الجهل بوجوبها: ولا يسمح منه إلا أن يكون مستجد الإسلام أو مسلمًا نشأ في بلاد الكفر البعيدة عن دار الإسلام، فيقبل منه ويُعرف وجوبها.
وأما التعمد: فإن لم يعتقد وجوبها كفر لتكذيبه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإن اعتقد بوجوبها وتعمد تركها كفر عند الشافعي، على معنى أنه يستحق عقوبة الكافر في الدنيا وهو القتل وبه قال مالك، ثم يقال له: إما أن تتوب وتصلي وإلا قتلناك.
وقد اختلف أصحاب الشافعي -رضي الله عنه- في وقت قتله وبترك كم صلاة يقتل؟. وفي كيفية قتله قال الغزالي: والصحيح أنه يقتل بصلاة واحدة إذا تركها عمدًا وأخرجها عن وقت ضرورة، ولا يقتل بصلاة الظهر إلا إذا غربت الشمس.
وفي مهلة الاستتابة ثلاثة أيام خلاف، كما في استتابة المرتد، وقد قيل: إنه لا يقتل إلا إذا صار الترك له عادة.
وقيل: إذا ترك صلاتين أو ثلاثًا.
قال: وكل ذلك بحكم ثم يقتل بالسيف.
وقيل: يضرب حتى يصلي أو يموت، ويصلى عليه كما يصلى على المسلمين.

الصفحة 373