كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

كتاب الجنائز
وفيه إحدى عشر فصلاً

الفصل الأول في مقدمات الموت
قال أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم: أخبرنا الربيع بن سليمان قال: قرئ على الشافعي -رحمه الله تعالى- وأنا حاضر هذا كتاب كتبه محمد بن إدريس الشافعي في شعبان سنة ثلاث ومائتين، وأشهد الله عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وكفى بالله -جل ثناؤه- شهيداً ثم من سمعه، أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يدين بذلك -وبه ندين حتى يتوفاه الله ويبعثه عليه -إن شاء الله- وأنه يوصي نفسه وجماعة من سمع وصيته، بإحلال ما أحل الله -تبارك وتعالى- في كتابه ثم على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وتحريم ما حرم الله -تعالى- في الكتاب ثم في السنة، ولا يجاوزون من ذلك إلى غيره، فإن مجاوزته ترك فرض الله -عز وجل- والمحافظة على أداء فرائض الله في القول والعمل، والكف عن محارمه خوفا لله، وكثرة ذكر الوقوف بين يدي ربه -عز وجل- {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} وأن ينزل الدنيا حيث أنزلها الله، وأنه لم يجعلها دار مقام إلا مقام مدة عاجلة الانتفاع (¬1)، وإنما جعلها دار عمل، وجعل الآخرة دار قرار وجزاء بما عمل في الدنيا من خير أو شر، وإن لم يعفه (¬2) -جل ثناؤه-، وأن لا يخال
¬__________
(¬1) في المعرفة (5/ 211): [الانقطاع].
(¬2) في المعرفة (5/ 211): [يغفر].

الصفحة 380