كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

وقوله: "إن رأيتن" إن استوصيتن الزيادة على الخمس.
وقد اختلف في غسل الميت لهذه الكلمة، فقيل: هل هو واجب أو سنة؟ وسبب الخلاف قوله: "إن رأيتن". قالوا: هل معناه: إن رأيتن الغسل، أو إن رأيتن الزيادة على الثلاث والخمس وهذا وأمثاله مما اختلف فيه أهل الأصول، وذلك أنهم مختلفون في التقييد والاستثناء والشروط إذا تعقبت الجمل، هل يرجع إلى جميعها -إلا ما أخرجه الدليل- أو إلى ما أقربها إليه.
وقوله "كافورًا أو شيئًا من [كافور] (¬1) " يجوز أن يكون الشك من أحد الرواة في أي اللفظين قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان اللفظ منه هكذا فيكون اللفظ قد قال أولاً "واجعلن في المرة الآخرة من الغسل كافورًا" أي في الماء، أي فلما أطلق الكافور ربما ظن النسوة بالإطلاق الكثير منه، فاستدرك بقوله: "أو شيئًا من كافور" أي قليلاً منه، والأول أشبه.
قال الشافعي: وأقل غسل الميت فيما أحب ثلاث، وإن لم يبلغ الإنقاء فخمس، فإن لم يبلغ الإنقاء فسبع، فأما الواجب فمرة واحدة كما يجب في غسل الحي، والأفضل الثلاث ثم الخمس إن لم يحصل الإنقاء.
وأما الوتر في الغسل فإنه معتبر في الثالث وفيما زاد عليها، عند الشافعي ومالك.
وأبو حنيفة: لا يراه مستحبًا.
واستحب وضع الكافور في الماء في كل مرة، وهو في الآخرة أحب للحديث، وفيه تعليله بقوله: "أو شيئًا من كافور" يعني لئلا يطرح فيه الكثير منه، فيغير ريحه أو طعمه فيذهب عنه وصف الطهورية، ولذلك قال: "أو شيئًا من كافور" وهذا أحسن ما قيل فيه.
¬__________
(¬1) بالأصل [كور] والمثبت هو لفظ الرواية المتقدمة وهو الصواب.

الصفحة 386