كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

وقد أخرج الشافعي -في من حرملة- عن سفيان، عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول: " [أتى] (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبر عبد الله بن أبي بن سلول بعدما أدخل حفرته فأمر به فأخرج، فوضع (¬2) على ركبتيه وفخذيه فنفث عليه من ريقه وألبسه قميصه".
وهو حديث صحيح أخرجه البخاري (¬3) ومسلم (¬4).
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن الزهري -وثبته معمر بن أبي الصعير: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرف على قتلى أُحد فقال: "شهدت على هؤلاء فزملوهم بدمائهم وكلومهم".
هذا الحديث أخرجه النسائي (¬5): عن هناد، عن ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن [عبد الله بن] (¬6) ثعلبة -وهو ابن أبي الصُّعير (¬7) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "زملوهم بدمائهم، فإنه ليس من كلم يَكْلَم في الله إلا يأتي اليوم القيامة يدمى لونه لون الدم، وريحه ريح المسك".
قال الشافعي: ولعل ترك الغسل والصلاة على من قتله جماعة مشركين إرادة أن يلقوا الله بكلومهم، لما جاء فيهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن ريح الكلم ريح المسك واللون لون الدم"، واستغنوا بكرامة الله لهم عن الصلاة عليهم مع التخفيف عمن بقي من المسلمين.
"والتزميل": التغطية والتدثير، وزمله في ثيابه لغة فيه.
"والكلوم": جمع كلم وهو الجرح، أي لفوهم في ثيابهم على ما هم فيه من
¬__________
(¬1) في الأصل [إن] والتصويب عن المعرفة (5/ 239).
(¬2) في المعرفة (فوضعه).
(¬3) البخاري (1270).
(¬4) مسلم (4/ 2140 رقم 2773).
(¬5) النسائي (4/ 78)، (6/ 29).
(¬6) مكررة بالأصل.
(¬7) كذا جاء معرفًا بـ (الـ).
قال المزي في التهذيب: عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر، ويقال: ابن أبي صُعَير العذري.

الصفحة 394