كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

الجراحات والدماء ولا تغسلوهم.
وهذه الباء في قوله: "بدمائهم" للملابسة والمخالطة كقوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (¬1) في إحدى القراءتين أي تنبت مختلطة وملتبسة بالدهن.
وأخرج الشافعي -في من حرملة- عن سفيان بن عيينة، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلى أحد يُردّوا إلى مضاجعهم".
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر [أن عمر] (¬2) بن الخطاب: غُسل وكُفن وصُلّي عليه.
قال الشافعي في رواية "وهو شهيد" -يعني عمر- ولكنه إنما صار إلى الشهادة في غير حرب.
هذا الحديث مسوق لبيان أن القتيل في غير الحرب والمعركة يغسل ويكفن ويُصلى عليه.
وتفصيل المذهب: أن المقتول من المسلمين في معترك المشركين لا يغسل ولا يكفن ولا يُصلى عليه، وبه قال مالك وأحمد، وإسحاق.
وقال الثوري وأبو حنيفة: يغسل ويصلى عليه، واختاره المزني، وروي ذلك عن أحمد أيضاً، وعن الحسن البصري وابن المسيب.
وأما من قتل في غير معترك المشركين فإنه يغسل ويصلى عليه، إلا أهل العدل إذا قتلهم البغاة ففيهم قولان:- أحدهما -وهو المشهور-: أنهم يغسلون ويصلون عليهم، وبه قال مالك.
وقال في قتال أهل البغي: لا يغسلون ولا يصلى عليهم.
وقال أبو حنيفة: لا يغسلون.
¬__________
(¬1) المؤمنون (20).
(¬2) سقط من الأصل والمثبت من الأم (1/ 268)، والمعرفة أيضًا (5/ 260).

الصفحة 395