كتاب الشافي في شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 2)

الحديث.
قال الشافعي: وأكره النياحة على الميت بعد موته، وأن تندبه الواحدة (¬1) على الانفراد ولكن يعزى بما أمر به من الصبر والاسترجاع، وأكره [المأتم] (¬2) -وهو الجماعة- وإن لم يكن لهن بكاء، فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤنة مع ما مضى فيه من الأثر.
وفي كل ذلك مع غيره دلالة على جواز البكاء قبل الموت وبعده، بلا ندب ولا نياحة ولا مأتم، وحديث ابن عتيك محمول على كراهية اجتماعهن بعد الموت والبكاء. والله أعلم.
وقد أخرج الشافعي -في كتاب حرملة- قال: أخبرنا سفيان، عن محمد ابن عجلان، عن وهب بن كيسان، عن أبي هريرة "سمع عمر بن الخطاب باكية فنهاها، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعها يا أبا حفص، فإن العهد قريب والعين باكية، والنفس مصابة".
هذا الحديث من هذا الوجه منقطع، وقد رواه هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان أن محمد بن عمر أخبره أن سلمة الأزرق قال: أشهد على أبي هريرة لسمعته يقول: "مُرّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بجنازة ونساء يبكين عليهن، فنهاهن عمر وانتهرهن، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دعهن يا عمر، فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب".
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة أنها سمعت عائشة -رضي الله عنها- وذكر لها
¬__________
(¬1) في الأم: (النائحة).
(¬2) في الأصل (المائية) والمثبت من الأم (1/ 279).

الصفحة 425